فصل: فصل في صفة أدوية مركبة من أصناف شتى قوية في منع النزف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في صفة أدوية مركبة من أصناف شتى قوية في منع النزف:

ومما ذكر جالينوس ووصفه وصفاً جيداً وجربه من بعده فوجد كثير النفع أن يؤخذ قلقطار عشرين ودقاق الكندر ستة عشر وصبر وفلفل وعلك يابس ثمانية ثمانية وزرنيخ أربعة وجبسين شديد السحق مهيأ بعد النخل عشرين يعالج به ذروراً على الفتائل ونثراً على الموضع فإنه عجيب.
أو ويؤخذ عنزروت وصبر ومصطكي ودم الأخوين ويجعل على فتيلة ويشد أو وأيضاً يؤخذ إسفنج محرق كما ذكرنا وآخر محرق يؤخذ سحيقه وخبث الرصاص والتوتيا والصبر أخرى أو يؤخذ كندر وصبر وكبريت أو يؤخذ كندر وكبريت فيتخذ ذروراً أو يستعمل فتيلة ببياض البيض أو يؤخذ من القلقطار عشرون ومن الكندر أو دقاقه ثمانية ومن الريتيانج ثمانية ومن الجبسين المحرق ثمانية أو يؤخذ من القلقطار والنحاس المحرق والقلقديس والزاج المشوي سواء.
ومن الجيد للنزف الدموي وخصوصاً من الرأس أن يؤخذ من الصبر جزء ونصف جزء أولهما قي البدن الجاسي وثانيهما في البدن اللين ومن نشارة الكندر في الجاسي جزء ومن الكندر نفسه الدسم في البدن اللين جزء ويقتصر عليهما أو يجعل معهما دم الأخوين والأنزروت ويعجن كل ببياض البيض ويجعل على وبر الأرنب أو يذرّ بحسب الموضع.

.المقالة الثالثة: القروح وأصناف ذلك:

.فصل في كلام كلي في القروح:

القروح تتولد عن الجراحات وعن الخراجات المتفجرة وعن البثور فإن تفرق الاتصال في اللحم إذا امتد وقاح يسمى قرحة وإنما يتقيح بسبب أن الغذاء الذي يتوجه إليه يستحيل إلى فساد لضعف العضو ولأنه لضعفه يتحلل إليه ويتحلب نحوه فضول أعضاء تجاوره أو لمراهم رهلت العضو ولثقته برطوبتها ودسومتها.
وما كان من قبيل القيح رقيقاً يسمى صديداً وما كان غليظاً يسمى وسخاً وهو شيء خاثر جامد أبيض أو إلى سواد وكالدردي. وإنما يتولد الصديد من رقيق الأخلاط ومائيها أو حارها ويتولّد الوسخ من غليظ الأخلاط.
والصديد يكثر توليد الورم والصديد يحتاج إلى مجفف والوسخ إلى جال.
والقروح قد تكون ظاهرة وقد تكون ذات غور والقروح التي لها غور لا تخلو إما أن يكون قد صلب اللحم المحيط بها فيسمى ناصوراً وهو كأنبوبة نافذة في الغور أو لم يصلب فيسمى مخبأ وكهفاً.
وربما قال بعضهم مخبأ لما نفذ تحت الجلد وتبرأ منه الجلد وكهفاً لما انعطف تحت اللحم واتسع فيه قال بعضهم بل الواسع كهف والضيق العميق ناصور ولا مناقشة في التسمية.
وإذا كانت الصلابة على قرحة ظاهرة تسمى قرحة خزفية والناصور الرديء هو الذي لا يحس وبمقدار بعده عن الحسّ تكون رداءته ومنه مستو ومنه معوج وما أفضى إلى عصب أوجع شديداً وخصوصاً إذا مسّ أسفله بالميل وربما عسر فعل ذلك العضو وكانت رطوبته رطوبة رقيقة لطيفة كما تكون عن المفضي إلى العظم وإذا انتهى إلى رباط كان ما يسيل منه قريباً من ذلك لكن الوجع في العظمي والرباطي ربما لم يعظم ورطوبة ما يفضي إلى العظم أرق وأميل إلى الصفرة والمفضي إلى الوريد والشريان وكثيراً ما يخرج عنه مثل الدردي وفي بعض الأحيان يخرج منه إن كان منتهياً إلى الوريد دم كثير نقي أو إلى الشريان دم أشقر مع نزف ونزو.
والمفضي إلى اللحم تسيل منه رطوبة لزجة غليظة كدرة فجّة.
وكثيراً ما يكون للناصور الواحد أفواه كثيرة يشكل أمرها فلا يعرف هل الناصور واحد أو كثير فينصبّ في بعض الأفواه رطوبة ذات صبغ فإن كان الناصور واحد أخرج من الأفواه الأخرى.
والقروح تنقسم صنوفاً من الأقسام فيقال أن من القروح ما هو مؤلم ومنها ما هو عادم للألم ومنها متورم ومنها عادم للورم ومنها نقي ومنها غير نقي وغير النقي إما لثق أي فيه خلط كثير ورطوبة غزيرة وإن لم تكن رديئة ومنها وسخ ومنها صدىء.
ومن القروح متعفن وأضر الأشياء به الجنوب ورطوبة الهواء مع حرارته ومنها متآكل ومنها ساع ومنها رهل إما بارد وإما حار والرهلة من القروح موجبة لإسقاط الشعر عما يليها.
وقد تكون من القروح رشاحة يرشح منها صديد أصفر حار وربما سال منها ماء حارٍ محرق لما حولها وهو رديء مهلك ومنها عسرة الاندمال والمتعفن غير المتآكل وإن كانا جميعاً ساعيين وربما كان أكال يأكل ما يتصل به بحدته من غير عفونة ولا حمى البتة لكن الساعي العفن تكثر معه الحمى أو لا تفارقه.
وجالينوس يسمي أمثال النار الفارسية والنملة الساعية قروحاً متآكلة ويعد القرحة المتعفنة مركبة من قرحة ومن مرض عفن ولكل واحد منها حال.
والقروح الصلبة الآخذة نحو الإخضرار والاسوداد رديئة والقروح الباردة رهلة بيض وتستريح إلى الأدوية المسخنة والحارة إلى حمرة وتستريح إلى البرد.
والقروح الرديئة إذا صحبها لون من البدن رديء كأبيض رصاصي أو أصفر فذلك دليك على فساد مزاج الكبد وفساد الدم الذي يجيء إلى القرحة فيعسر الاندمال.
والقروح التي أرضها حارة ومعها حكة ففضلها حريف والتي أصولها عريضة بيض قليلة الحكة فمزاجها بارد.
والقروح المتولدة عقيب الأمراض رديئة لأن الطبيعة تدفع إليها باقي فساد الفضلات والقروح الناثرة للشعر عما يليها رديئة.
وقيل في كتاب علامات الموت السريع إذا كان بالإنسان أورام وقروح لينة فذهب عقله مات.
والقروح الخبيثة قد يكون سببها جراحة تصادف فضولاً خبيثة من البدن أو تدبيراً مفسداً وقد تكون تابعة لبثور رديئة فيكون عنها تسرعها إلى التقرح بعد التبثر.
ويدل على خبث القرحة تعفنها وسيها وإفسادها ما حولها وعسر برئها في نفسها مع صواب العلاج لها.
وأفضل الدلائل الدالة على سلامة القروح والجراحات في عواقبها المدة كان بدواء مفتّح أو من فعل الطبيعة فإن ذلك فعل الطبيعة على المجرى الطبيعي ولن تتولد المدة إلا عن نضج طيعي ولا يصحبها مكروه من أعراض القروح الرديئة وخصوصاً المدة المحمودة البيضاء الملساء المستوية التي نالت تمام النضج ولا يصحبها نتن ولا عفونة فيها وربما لم تخل عن نتن قليل فإن المدة تحدث بتعاون من حرارة غريزية وأخرى غريبة وقد قلنا في المدة في موضع آخر.
وأما القرحة التي تحدث للتشنج والقرحة المتعفنة والسرطانية والخيرونية والمتآكلة وما يجري مجراها فلا تتولّد منها مدة بل إذا ظهر في القرحة مدّة وورم فإنه علامة خير ليس يخاف معه التشنج واختلاط العقل ونحوه وإن كان في موضع يوجب ذلك مثل الأعضاء الخلفية والقدامية إلا أن يكون الأمر عظيماً مجاوزاً للحدّ فإن غاب الورم دفعة وغار ولم يتحلل بقيح أو نحوه ثم كان مجاوراً للأعضاء العصبية كالقروح الظهرية فإنها في جوار الصلب والنخاع والقروح التي تقع في مقدم الفخذ والركبة فإنها أيضاً على العضل العصبية التي فيها آل الأمر إلى التشنّج واختلاط العقل أيضاً.
وإن وقع في الأعضاء العرقية وأكثرها في مقدّم تنور البدن خيف إما إسهال دم إن وقع في النصف الأسفل من التنور وكذلك قد يخاف منه اختلاط العقل أو خيف أن تقع ذات الجنب في التقتح من بعده أو في نفث الدم إن وقع في النصف الأعلى منه.
وقد علمت معنى التقيّح في الصدر من الكتاب الثالث وقد يخاف فيه أيضاً اختلاط العقل.
ومن العلامات الجيدة للقروح أن ينبت حواليها الشعر المنتشر.
وأقبل الأبدان لعلاج القروح أحسنها مزاجاً وأقلها رطوبة فضلية مع وجود الدم الجيد فيها وأما كثير الرطوبة أو اليبس فهو بطيء القبول للعلاج في القروح على أن الرطب كالصبيان أقبل من الناس كالمشايخ وخصوصاً إذا كان المزاج الأصلي يابساً عديم الدم النقي والعرضي رطباً مترهّلاً كما في المشايخ وخصوصاً إذا كان المزاج الأصلي يابساً عديم الدم النقي والعرضي رطباً مترهلاً كما في المشايخ أيضاً ولذلك صار المستسقون يعسر علاج قروحهم والحبالى أيضاً لاحتباس فضولهن لامتساك حيضهن.
وأما المشايخ فلا تبرأ قروحهم لذلك ولسبب قلة لحمهم الجيد وربما برأ القرح ثم انتقض لأنه إنما نبت فيه اللحم قبل التنقية فلما احتبس فيه فضل غير نقي وجب من ذلك أن يفسد الاتصال الحادث ثانياً وقد توهم النواصير برءاً ويعرض لها حال جفاف وإمساك تقنع النفس بأنها برء لأن حالها تلك تشبه البرء كما نذكره ثم.
ينتقض لأدنى حركة واهتزاز وسعال وصدمة وسوء اضطجاع وغير ذلك.
والقروح التي ينبت فيها اللحم بعضها ينبت فيها لحم زائد وبعضها لا ينبت فيها ذلك وأخرى ما ينبت فيه منها لحم زائد هو ما يستعجل بإنبات اللحم فيها قبل التنقية وأخرى ما لا ينبت فيها ذلك اللحم إلا بعد التنقية.
وإذا طالت المدة بالقرحة وتأكلت وذهب من جوهرها شيء كثير فلا يتوقع اندمالها إلا على غور وخصوصاً إذا كانت قديمة بقيت مدة سنة ونحوها أو كانت متخزفة وأخذ منها المتخزف أعني الناصور.
والقديمة لا بد من أن يخرج عظم من العظم الذي يجاورها.
والقروح السوداوية لا برء لها إلا أن يؤخذ عنها جميع فسادها إلى اللحم أو العظم الصحيحين.
والأسباب التي إذا عرضت فسمت القروح هي: ضعف العضو فتقبل كل مادة ورداءة مزاج العضو ورداءة ما يأتيه من الدم إما في كيفيته وإما في كميته.
أما في كيفيته فأكثره لرداءة مزاج الكبد ويكون اللون فيه إلى بياض رصاصي أو صفرة أو لرداءة مزاج الطحال فيكون اللون إلى سواد وتنميش فتكون معه رداءة جميع الأخلاط في البدن ومثل هذا مع أنه لا يستفاد منه ما يستحيل لحماً فقد يتضرر به لما يستحيل إليه من الوضر أو في كميته بأن يزيد أو ينقص فلا يوجد ما ينبت منه لحم القرحة وتكون القرحة صافية نقية تبادر إلى خشكريشة لا تفلح إلى أن تملأ إن كان البدن نقياً قليل الدم أو للتخرق الذي يعرض لحائطه وحآفاته أو لاتساع العروق التي تأتيه أو لفساد ما يليها من العظام أو لفسادها الآخذ نحو الكمودة والخضرة والسواد أو لعضو رديء المزاج يجاوره.
والقروح الصعبة العلاج كالمستديرة ونحوها قاتلة للصبيان لأن الصبيان لا يحتملون شدّة إيجاعها ولا عسر علاجها وصعوبته.

.فصل في قانون علاج القروح:

اعلم أن كل القروح محتاجة إلى التجفيف ما خلا الكائن من رض العضل وفسخها فإن هذه تحتاج أولاً أن ترخى وترطّب ومع ما تحتاج القروح في غالب الأحوال إلى التجفيف فقد تحتاج إلى أحوال أخرى من التنقية والجلاء وغير ذلك لأحوال تلحق القروح غير نفس القروح وكلما كانت القرحة أعظم وأغور احتاجت إلى تجفيف أشد وإلى جمع لشفتيها أشد استقصاء وربما احتاجت إلى خياطة واعتبر من أحوال الحاجة إلى الاستقصاء في ذلك ونحوه ما قلناه في باب الخراجات.
واعلم أن القروح ربما احتاجت في علاجها إلى استعمال أدوية سيالة نافذة منزرقة غائصة وحينئذ لا بد من أن تكون مراهم أو نحوها فيجب حينئذ أن تكون رطبة الظاهر يابسة الباطن وخصوصاً الناصورية فإنها يجب أن تكون يبوسة جوهرها في القوة تغلب رطوبة جرمها شديداً وقد تحتاج إلى أن تخلط أدويتها بما يسيل أيضاً لسبب آخر وهو لتصير لزجة لازقة فاعلم ذلك أيضاً فيها.
واعلم أن القروح تحتاج إلى الرباطات والشد لوجوه ثلاثة: أحدها: لإسالة الوضر فيجب أن تكون قوة شدّها عند آخر القرحة وأرخى شدها عند الفوّهة ليحسن عصرها والثاني: لحفظ الدواء الملحم والمنبت للحم على القرحة وليس تحتاج إلى شد شديد والثالث: لإلحام الشفتين.
ويجب أن لا يكون الشدّ فيه رخواً عند الشفتين بل ضاماً ضماً صالحاً ولا يجب أن تبلغ بالربط من الإيلام مبلغاً يورم وينبغي أن يكون معيناً يمنع الورم فلا يمكنك مع الورم أن تعالج القرحة فإن لم يمكنك أن يمنع وظهر ورم فاشتغل بالورم وعلاجه أي ورم كان مع مراعاة لنفس القرحة إلى أن تفرغ من علاج الورم فتخلص مراعاة القرحة وكذلك إذا فسد ما حوالي القرحة فاخضر أو اسود عالجت ذلك بالشرط وإخراج الدم ولو بالمحجمة ثم تلزمه إسفنجة يابسة ثم أدوية مجففة.
وإذا تفرغت القرحة أو وجدت القرحة ساذجة فيجب أن تتأمل أول شيء هل ينصب إلى القرحة من البدن شيء أو ليس ينصب بل قد انقطع فإن كان ليس ينصب إليها شيء قصدتها بالمداواة نفسها وإن كان ينصب إليها شيء فاشتغل بمنع ما ينصب إليها بمثل فصد أو إسهال أو قيء فإن القيء قد ينفع أيضاً في ذلك وقد شهد به بقراط.
وإذا كان في القروح شظايا عظام أو أغشية أو غير ذلك فلا تستعجل في جذبها ولكن إعمل ما قلناه في باب العظام وأول ما يجب أن تدبره من أمر القرحة هو التقييح بأدويته ثم التنقية بأدويتها ثم إنبات اللحم والإدمال.
وإن وجدت القرحة نقية مستوية لا غور لها فادمل فقط بما لا لذع له.
وأما الوضرة فلا بد فيها من جالٍ لاذع وفي أول ما تعالج تحتاج إلى الألذع لأن الحس لا يحسّ به ثم تتدرج إلى ما هو أخف لذعاً إلى أن يحين وقت إنبات اللحم.
واتق في جميع ذلك أن توجع ما أمكنك وخصوصاً إذا كانت هناك حرارة والتهاب ويجب أن تميط الأسباب المانعة من الإندمال وفي الأسباب التي عددناها وذكرنا أنها تميل بالقرحة إلى الرداءة فإنك إن لم تعالجها أولاً لم تتفرغّ لعلاج القروح كما ينبغي بل لم يمكنك.
وكثيراً ما أصلح مزاج العضو فكفى في إصلاح القرحة وكثيراً ما تكون القرحة رهلةَ ينبت عليها لحم رديء ويكون هو في نفسه إلى حمرة وسخونة فيعالج بأطليةِ مبردة للحم المطيف بها مثل: عصارة عنب الثعلب بالطين الأرمني والخل والأطلية الصندلية والكافورية مبردة بالثلج فلا يزال يندمل الجرح ويضيق.
والقروح الوجعة الشديدة الوجع يجب أن تشتغل فيها أولاً بتسكين الوجع وذلك بالمرخيات التي تعرفها لا محالة وإن كانت مضادة للقروح لأنا إن لم نسكّن الوجع لم يتهيأ لنا أن نعالج فإذا سكناه تداركنا.
والقروح الوضرة تحتاح إلى أن تنقى وهي التي تتكون رطوباتها وما يسيل منها وربما نُقيت بغسل وربما نقيت بالذرورات والمراهم وإذا لم تنق لم يمكن أن يلاقيها الدواء خالصاً إلى جرمها وخصوصاً الذرائر فيجب أن تنقّى ثم ينبت اللحم والمنقى فيه جلاء أكثر والمنبت للحم جلاؤه كما علمت قليل وربما نبت لحم رديء واحتيج إلى أن يؤكل بدواء حاد ويطلى من خارج بالمبردات ثم يقلع بما يقلع به الخشكريشة ثم يعالج وهذا أيضاً طريق علاجنا لنواصير فإنا نحتاج أن نقلع خزفها ثم تعالج.
والدواء الواحد يكون بحسب بعض الأبدان منبتاً للحم ويكون بحسب بعضها أكالاً شديد الجلاء إذا كان ذلك البدن ليناً جداً وبحسب بعضها غير جال ولا منبت ولذلك يحتاج الدواء في بدن إلى أن يقوى إما بتكثير وزنه أو تقليل دهنه أو بإضافة دواء آخر إليه فيه تجفيف وجلاء وفي بدن آخر يكون بالقياس إليه أكالاً إلى أن ينقص من وزنه أو يزيد دهنه أو تضيف إليه بعض القوابض.
وأولى القروح بأن يقوي دواؤه ما عسر اندماله ومن الواجب أن تترك الدواء على القرحة ثلاثة أيام ثم تحل فإنها إذا عولجت لم تفعل فعلها.
ويجب أن تبعد الدهن عن القروح فإن كان ولا بدّ فدهن الخروع ودهن الآس ودهن المصطكي.
وإن لم يكن لك إلا القرحة فيجب أن ترفق بالحاس من الأعضاء الحاملة لها ونحذّر من إيجاعها بالدواء القوي.
وأما البليد الحسّ فلا تتوقف فيه عن واجب العلاج والباطن والشريف الخطير الكثير النفع والقاتل للآفات سريعاً من باب الحاس وحكمه حكمه وأضدادها من باب غير الحاس أو ضعيفه.
ولمثل هذا السبب لا تحتمل القروح الباطنة مثل الزنجار ونحوه وخصوصاً التي تشرب وتحتاج إلى مغريات أكثر مثل الكثيراء والصمغ والتي يحقن بها تحتاج إلى ما هو بين الأمرين ومن الصواب في علاج القروح أن تسكّن أعضاؤها ولا تحرك ولأن تتحرك في أول الأمر حركة رفيقة أقل مضرة من أن تتحرك بعد الأول حركات عنيفة وخصوصاً في بدن رديء الأخلاط.
ويجب أن تتوقى في القروح أن يقع من تجاورها التحام بين عضوين متجاورين مثل اللصق الذي يقع بين الجفن والعين وبين الجفنين وبين الإصبعين والكهوف والمخابي سريعة الاستحالة إلى النواصير والقروح المجاورة للشرايين والأوردة الكبار تؤدي إلى ورم ما يجاورها من اللحم الرخو كالأربيتين والإبط وخلف الأذنين كما يؤدي الجرب ونحوه مما ذكرناه لتلك العلة بعينها وخصوصاً إذا أن البدن رديئاً مملوءاً فضولاً وحينئذ يشتدّ الوجع ويتأدى إلى القرحة فيجب أن تعالج ذلك بتنقية البدن وبما قيل في بابه وما لم ينق الورم لا يرجى علاجه ونحتاج في مثل هذا إلى أن نحوط القرحة من الأذى بالباسليقون ونحوه إن كان البدن نقياً ونجعل بينها وبين العضو حاجزاً مانعاً عن تأدي الأذى إلى القرحة في كل حال.
يجب أن تسمع وصية جامعة وهو أنه من الواجب أن يكون ما تعالج به القرحة إما موافقاً أو غير موافق والموافق إن لم ينفع في الحال فلا تصحبه مضرة والغير موافق إما أن يكون مخالفته لأنه أضعف وتدل عليه زيادة ما هو ضد المتوقع منه من تجفيف أو تنقية أو غير ذلك من غير فساد آخر فيجب أن يزاد في قوته.
وإمّا أن تكون مخالفته لوجوه أخرى مثل أن يسخن فوق ما يحتاج إليه فيحدث حمرة والتهاباً فيحتاج أن تنقص من قوته ويطفأ من التهابه في الوقت بمرهم مبرد أو تميل به إلى سواد وكمودة فتعلم أنه يبرده أو ليس يسخنه القدر المحتاج إليه فيحتاج أن تزيد في قوة سخونته أو ترهله فتحتاج أن تزيد في قوة القوابض والمجففات كالجلنار والعفص ونحوه أو يجفف فيجب أن تتدارك تجفيفه بما نذكر لك أو يأكله ويغوره كما نبين فنحتاج أن تكسر قوة جلائه.
وكثيراً ما لا يوافق الدواء لأن مزاج العليل مفرط في باب ما فتحتاج أن يكون الدواء قوياً في ضد ذلك الباب حتى يعيده إلى مزاجه أو ضعيفاً في باب موافقته.